٥- بُرهَانُ عَدَمِ الكَمَالِ الثَّانِي , نَظَرِيَّةُ التَّسَارُعِ وَنَتَائِجُ تارسكي

أَصبَحَ بإمكَانِنَا بِفَضلِ نَظَرِيَّةِ نُقطَةِ الارتِكازِ أَن نُنشِيءَ دَائماً وَبِشَكلٍ بُنيَويٍّ بَسيطٍ تَعابيرَ مُعيَّنَةً تَحمِلُ التَّنَاقُضَ (عَلى نَمَطِ التَّعبيرِ “ج” فِي المَقطَعِ السَّابِقِ) ثُمَّ نُثبِتُ بِنَفسِ طَريقَةِ بُرهَانِ عَدَمِ الكَمَالِ الأَوَّلِ قُصورَنَا عَن الإحَاطَةِ الخوارزميَّةِ بِالمَفَاهيمِ الخَاصَّةِ المُستَخدَمَةِ فِي إنشاءِ هَذهِ التَّعابِير

نَقصُدُ هُنا “بِالإحاطَةِ الخَوارزمِيَّةِ” إمكَانِيَّةَ التَّحَقُّقِ مِن التَّعبيرِ العَامِ: “م(#س)” لِكُلِّ تَعبيرٍ سَليمٍ “س” حِينَ يُمَثِّلُ “م” أَحَدَ هَذهِ المَفاهيمِ المُمَيَّزَة

رَأينَا فِي حَالةِ مَفهومِ “الإثبَاتِ” مَثَلاً أَنَّهُ لَا يُمكِنُ حَسمُ “إثبات(#س)” إلَّا حِينَ يُعَبِّرُ “س” عَن دَالَّةٍ بَسيطَةٍ فَقَط (حَسبَ النَظَرِيَّةِ الخَامِسَةِ) أمَّا فِي حَالَةِ الدَّوالِ غَيرِ البَسيطَةِ فَلَا وجودَ لِخوارزمٍ لِلحَسمِ وَلِذَلِكَ اعتَبَرنَا مَفهومَ الإثبَاتِ بِكُليَّتِهِ خَارِجاً عَن مَجَالِ قُدُراتِنَا الخَوارزمِيَّة

مِن أَهَمِّ الأمثِلَةِ الأُخرَى عَلَى المَفاهيمِ الَّتِي يُمكِنُنَا تَطبيقَ هَذهِ الطَّريقَةِ عَلَيهَا مَفهومُ “عَدَمِ التَّنَاقُضِ” الَّذِي نَتَذَكَّرُ أّنَّهُ كَانَ أسَاسِيّاً فِي مَشروعِ هيلبرت

لِلوَهلَةِ الأُولَى يُمكِنُنَا أَن نَتَوَقَّعَ صُعُوباتٍ جَمَّةٍ فِي تَحويلِهِ إلَى شَكلٍ صُورِيٍّ يَسمَحُ لَنَا بِالحَديثِ عَن خَوَاصِّهِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالنِّظامِ الصُّورِيِّ كَكُلٍّ وَلَيسِ بِآحَادِ التَّعَابيرِ المَنطِقِيَّة

لَكِنَّ جودل تَغَلَّبَ عَلى هَذهِ الصُعُوباتِ بِفِكرَةٍ بَسيطَةٍ تَتَمَثَّلُ فِي أَنَّهُ إذَا كَانَ نِظامُ بيانو “ظ” غَيرَ مُتَنَاقِضٍ فَلَا يُمكِنُ إثباتُ جُملِةٍ خَاطِئةٍ مِثلِ: “(0=1)” فِيه

:هَذهِ الفِكرَةُ يُمكِنُنَا كِتَابَتَها صُورِيّاً كَالتَّالِي

“((غيرمتناقض(ظ)≡(عكس(إثبات(0=1”

أَو

“((غيرمتناقض(ظ)≡(إثبات(0≠1”

:ثُمَّ بَرهَنَ عَلَى نَظَرِيَّةِ عَدَمِ الكَمَالِ الثَّانِيَةِ

إذَا كَانَ ظ ذَا قُدرَةٍ رياضِيَّةٍ كَافِيَةٍ وغَيرَ مُتَنَاقِضٍ فَإنَّهُ لَا يُمكِنُ إثباتُ “غيرمتناقض(ظ)” فِي ظ

:البُرهان

لِتَكُن “ج” الجُملَةَ المَنطقيَّةَ الَّتِي لَم نَستَطِعْ إثبَاتَهَا فِي نَظَرِيَّةِ عَدَمِ الكَمَالِ الأولَى. يُمَثِّلُ التَّعبيرُ التَّالِي مَا استَنتَجنَاهُ فِي المَقطَعِ السَّابِقِ بِواسِطَةِ تِلكَ النَّظَرِيَّة

“ت1=”إذا كَانَ غيرمتناقض(ظ) فإن (عكس (إثبات(#ج)) صَحيحٌ

يُمكِنُنَا إنشَاءَ التَّعبيرِ”ت1” داخل “ظ” بِطَرِيقَةٍ بُنيَويَّةٍ تَحتاجُ إلَى جُهدٍ تَفصيلِيٍّ لَيسَ بِالقَليلِ وَتَفتَرِضُ وُجودَ قُدراتٍ تَعبيريَّةٍ مُناسِبَةٍ لِفعلِ هَذَا فِي “ظ” وَيَكونُ بالتَّالِي

((ظ | (غيرمتناقض(ظ)) > (عكس (إثبات(#ج

:نَعلَمُ أيضاً مِن نَظريَّةِ نُقطَةِ الارتِكازِ أنَّ

(((ظ | (ج ≡عكس(إثبات(#ج

:بالتَّالِي فإنَّ

ظ | (غيرمتناقض(ظ)) > ج)

:أَي

(ظ | غيرمتناقض(ظ)) > (ظ | ج)

:لَكنَّنَا نَعلَمُ مِن نَظَرِيَّةِ عَدَمِ الكَمَالِ الأُولَى أنَّ

ظ | ج

:فَيَكونُ

| غيرمتناقض(ظ

(نِهايَةُ البُرهَان)

نُلاحِظُ أَنَّ فِكرَةَ البُرهانِ تَكمُنُ فِي التَّعبيرِ عَن النَّظَرِيَّةِ الأُولَى وَنَتَائِجِهَا بِشَكلٍ صُورِيٍّ كَامِلٍ ثُمَّ استِخدَامِ التَّعَابيرِ المُنشَأَةِ لِلوصولِ إلَى النَّتيجَةِ دَاخِلِ النِّظامِ “ظ” نَفسِه

:فَإِنْ فُهِمَ عَدَمُ التَّنَاقُضِ عَلَى أَنَّهُ عَدَمُ إمكَانِيَّةِ إثبَاتِ جُمَلٍ خَاطِئةٍ مِثلِ

“(0=1)”

:يَكونُ البُرهَانُ السَّابِقُ مُعَبِّراً عَن المُلاحَظَاتِ البَديهيَّةِ التَّالِيَة

:بِمَا أنَّ

“ت1=”عَدَمَ التَّنَاقُضِ يُؤَدَّي إلَى عَدَمِ إمكَانِيَّةِ استِنبَاطِ الجُّملَةِ #ج

:هِيَ جُملَةٌ دَاخِلَ “ظ” كما أَنَّ

“عَدَمُ إمكَانِيَّةِ استِنبَاطِ الجُّملَةِ #ج”

:تَعبيرٌ مُكافِيءٌ لِلجُملَةِ “ج” نَفسِهَا فِي “ظ” أَيضاً فَإنَّ

“إمكَانِيَّةَ استِنبَاطِ عَدَمِ التَّنَاقُضِ فِي ظ”

:تُؤدِّي إلَى

“إمكَانِيَّةِ استِنبَاطِ #ج فِي ظ”

لَكِنَّنَا نَعلَمُ أَنَّ “ج” لَا ُيمكِنُ استِنبَاطَهَا فَيَكونُ استِنبَاطُ عَدَمِ التَّنَاقُضِ غَيرَ مُمكِنٍ أَيضاً

الجَديرُ بالذِّكرِ أنَّ جودل لَمْ يَقُمْ بِنَفسِهِ بِإنشَاءِ “ت1” دَاخِلَ “ظ” حِينَ نَشَرَ نَظَريَّتَهُ الثَّانِيَةَ (مَع أَنَّهُ وَضَعَ الإنشَاءَ فِي خُطَّةِ أبحَاثِهِ) لِأنَّ هَذَا الجُّهدَ استَدعَى تَفاصيلَ صُوريَّةً دَقيقَةً وَمُضنِيَةً قَامَ بِهَذَا بَعدَ ذَلِكَ بَدَلاً عَنهُ كُلُّ مِن هيلبرت وبرنايس ثُمَّ لوب وَفيفرمان فِي أعمَالِهِم المُختَلِفَةِ المُتَعَلِّقَةِ بِنِظَرِيَّةِ عَدَمِ الكَمَال

نَستَطيعُ بِنَفسِ هَذِهِ الطَّريقَةِ إثباتَ عَدَمِ إمكَانِيَّةِ تَعريفِ الحَقيقَةِ بَل وَعَدَمِ إمكَانِيَّةِ التَّعبيرِ عَنهَا فِي “ظ” (وَهيَ النَّتيجَةُ الَّتِي تُنسَبُ لِتارسكي) كَالآتِي

لِيَكُنْ مَفهومُ الحَقيقَةِ “ح” مُعَرَّفاً هَكَذا

“ح(#ن) ≡ “#ن هُوَ كودُ جودل لِتَعبيرٍ صَحيحٍ مَنطِقِياً

:نَظَرِيَّةُ عَدمِ إمَكانِيَّةِ تَعريفِ مَفهومِ الحَقيقةِ

– لَا يُمكِنُ تَعريفُ ح() أَو حَتَّى التَّعبيرُ عَنه فِي ظ –

:البُرهان

لِيَكُنُ “ت” تَعبيراً فِي “ظ”. يُحَقِّقُ مَفهومُ الحَقيقَةِ المُعادَلَةَ البَديهيَّةَ التَّالِيَة

“(ت≡ح(#ت”

“لِأيِّ تَعبيرٍ “ت” يُمكِنُنَا كِتَابَتَهُ فِي “ظ

“أَي أنَّ: “ح(#ت) تَعبيرٌ يُكافِيء ت مَنطِقِياً

وهِيَ جُملَةٌ يُمكِنُ استِنبَاطُهَا فِي “ظ” – بِالتَّعريفِ –وبالتالي

((ظ | (ت≡ح(#ت

:لَكِنَّنَا نَعلَمُ مِن نَظَرِيَّةِ نُقطَةِ الارتِكَازِ أَيضاً أنَّ

(((ظ | (ت≡عكس(ح(#ت

مِمَّا يَعنِي أَنَّ “ظ” نِظامُ استِنبَاطٍ مُتَنَاقِضٍ بِعَكسِ المُفتَرَض لِذَا: لَايُمكِنُ تَعريفُ ح() بِالشَّكلِ السَّابِق.

مَاذَا عَن التَّعبيرِ الصَحيحِ “ت” نَفسِهِ؟

هَل يُمكِنُنا كِتَابَتَهُ دَاخِلَ “ظ” فِعلاً ؟

يَنبَغِي أَن يَكونَ : “(ت≡ح(#ت))” تَعبيرٌ صَحيحٌ

وَيَكونَ : “(ت≡عكس(ح(#ت)))” تَعبيرٌ صَحيحٌ أَيضاً

أَيُّ التَّعبيرَينِ المُتَنَاقِضَينِ: “ح(#ت)” وَ ” عكس(ح(#ت))” سَنَختَارُ لِيَكونَ مُكافِئاً لِ”ت” ؟

.تَنَاقُض

.بِالتَّالِي : لَايُمكِنُ اعتِبَارُ أَيٍّ مِنهُمَا تَعبيراً صَحيحاً أصلاً

(نِهايَةُ البُرهَان)

أَخيراً : نَستَطيعُ بِنَفسِ الأُسلوبِ أَن نُثبِتَ النَّظَرِيَّةَ المُهِمَّةَ التَّاليَةَ وَالمَنسوبَةَ لِجودل

:نَظَرِيَّةُ التَّسارُعِ

– لِتَكُنْ “د” أَيَّ دَالَّةٍ قَابِلَةٍ لِلحِسَاب.

:هُناكَ تَعابيرُ “ت” فِي “ظ” تُحَقِّقُ

1- “ت” قَابِلٌ لِلإثبَاتِ

2- (طُولُ إثباتِ “ت” أَكبرُ مِن د(#ت

:البُرهان

إذَا كَانَ “ظ” غَيرَ مُتَنَاقِضٍ فَإنَّهُ يُمكِنُنَا كِتَابَةَ التَّعبيرِ التَّالِي الشَبيهِ بِالجُملَةِ “ج” فِي المَقطَعِ السَّابِقِ

” (ت=” لَا يُمكِنُ إثباتُ التَّعبيرِ المُكَوَّدِ #ت بعدد خطوات أقل من د(#ت

:بحسب نظرية الارتكاز هناك دالة “ذ” معرفة كالتالي

“(ذ(#س)=”يمكن إثبات التعبير المُكَوَّد #س بعدد خطوات أقل من د(#س

:تحقق

(((ظ | (ت≡عكس(ذ(#ت

نُلاحِظُ أنَّ التَّعبيرَ “ت” لَابُدَّ أَن يَكونَ صَحيحاً لِأنَّهُ لَو كَانَ خَاطِئاً لَكانَ مَعنَى هَذَا وجودَ بُرهانٍ لِمَقولَةٍ خَاطئةٍ  

مِن نَاحيةٍ أُخرَى يُمكِنُنَا إيجادَ إثباتٍ لِ”ت” بِالخوارزمِ التَّالِي

خَوارِزم 2

 نَتَصَفَّحُ كُلَّ البَراهينِ “ب” والَّتِي طُولُهَا أَقلَّ أَو يُساوِي د(#ت) وَنَتَأكَّدُ مِن عَدَمِ تَحَقًّقِ

(برهان(#ت,#ب

هَذَا الخَوارِزمُ يُمَثِّلُ دَالَّةً قَابِلَةً لِلحسابِ عَلى اعتِبَارِ وجودِ عَدَدٍ ثَابِتٍ فَقَط مِنَ البَراهينِ الَّتِي نَحتاجُ أَن نَتَصَفَّحَهَا (لِأنَّ د(#ت) قِيمَةٌ ثَابِتَةٌ) وَيُمَثِّلُ بِذَاتِهِ بُرهاناً لِ”ت” مُكَوَّنٌ بِالطَّبعِ مِن عَددِ رُموزٍ أَكبرَ مِن 

(د(#ت

(نِهايَةُ البُرهَان)

لِمَ سُمِّيَتْ هَذِهِ النَّظَرِيَّةُ : نَظَرِيَّةَ التَّسَارُعِ ؟

لِأَنَّنَا بِبَسَاطَةٍ نَستَطيعُ أَن نُنشِيءَ بُرهاناً قَصيراً كَالبُرهانَ السَّابِقِ عَلى صِحَّةِ “ت” فِي المَنظومَةِ المَنطِقِيَّةِ الأَقَوى تَعبيراً :

>(ظ+غيرمتناقض(ظ<

وَنَكونُ عِندَهَا قَد إختَزَلنَا عَدَداً ضَخماً مِن الخَطواتِ وَحَقَّقنَا بِالتَّالِي تَسارُعاً مَلحوظاً في طَريقَةِ الإثبَات

1 Shares:
Leave a Reply

Your email address will not be published.