مَا مِن شَكٍّ فِي أَنَّ الفَشَلَ الأكبَرَ لِمَشروعِ فريجة كَانَ بِسَبَبِ نَتَائِجِ عَدَمِ الكَمَالِ الَّتِي مَرَّتْ مَعَنَا فِي المَقطَعِ الثَّالِثِ مِن هَذَا الجُزءِ وَالَّتِي تَمَسُّ الخَاصيَّةَ الرَّابِعَةَ المَرجُوَّةَ مِنَ اللُّغَةِ المِثَالِيَّةِ وَالمُتَعَلِّقَةِ بِإمكَانِيَّةِ إنشَاءِ مَبَانٍ (أَي : تَعابيرَ مَنطقِيَّةٍ) غَيرِ مُلتَبِسَةِ المَعَانِي كَمَا تَمَسُّ بِالطَّبعِ إحدَى الخَاصيَّتَينِ السَّادِسةِ أَو السَّابِعَةِ : عَدَمِ التَّنَاقُضِ أَو الكَمَالِ
وَلسنَا هُنَا بِصَدَدِ إعادَةِ تَفصيلِ النَّتَائِجِ المَذكورَةِ وَإنَّمَا نُلخِّصهَا سَريعاً بِطُرُقٍ تُمَثِّلُ وجهَاتِ نَظَرٍ مُتَبَايِنَةٍ لَكِنَّهَا تُعَبِّرُ فِي الوَاقِعِ عَن نَفسِ الظَّاهِرَةِ المَعرِفِيَّة
تَبَيَّنَ أَنَّ أَيَ لُغَةٍ لَهَا القُدرَاتُ التَّعبيريَّةُ لِمَنطِقِ فريجة الَّتِي تَسمَحُ بِجُمَلٍ بِبَسَاطَةِ فَرَضِيَّاتِ بيانو أَو أَكثَرَ تَعقيداً وَتُتِيحُ بِالتَّالِي استِخدَامَ تَعابيرَ ذَاتِ مَرجعيَّةٍ ذَاتِيَّةٍ يُمكِنُنَا أَن نَقولَ أنَّهَا بِفَرضِ عَدَمِ تَنَاقُضِهَا
تُمَكِّنُنَا مِن إنشَاءِ تَعابيرَ مُلتَبِسَةٍ لَا َنستَطيعُ حَسمَ مَعانيهَا لِأنَّ هَذِهِ المَعَانِي لَيسَتْ صَحيحَةً وَلَاخَاطِئةً فِي كُلِّ النَّمَاذِجِ المُمكِنَةِ
(جودل – نَظرَةُ عِلمِ المَعَانِي الصُّوريَّةِ التَّقليديَّة)
أَو
تُمَكِّنُنَا مِن إنشَاءِ تَعابيرَ صَالِحَةً مَنطِقِيّاً تَقصُرُ آلَةُ البُرهَانِ عَن إثبَاتِهَا
(جودل – نَظرَةُ تارسكي لِسَنَةِ 1936)
أَو
تَقصُرُ آليَةُ الاستِنبَاطِ الصُّورِيِّ عَن إثبَاتِ مَعَانٍ لِكُلِّ الجُّمَلِ فِيهَا لِأَنَّ مَجموعَةَ الجُّمَلِ المُمكِنَةِ تُصبِحُ غَيرَ قَابِلَةٍ لِلعَدِّ بَينَمَا آَلَةُ الاستِنبَاطِ ذَاتُ الطَبيعَةِ الخَوارزمِيَّةِ أسَاسُهَا عَمَلِيَّةُ العَدّ
(جودل – النَّظرَةُ الخَوارِزمِيَّة)
أَو
تُمَكِّنُنَا مِن صُنعِ مَفاهيمَ مُتَنَاقِضَةٍ مَنطقيّاً كَمَفهومِ مَجموعَةِ المَجموعَاتِ الَّتِي لَا تَحتَوي نَفسَهَا
( 1921 مُعضِلَةُ راسل)
أو
لَا ُيمكِنُنَا أَن نُعَرِّفَ مَعنَى الحَقيقَةِ المَنطقيَّةِ بِداخِلِهَا وَإنَّمَا فِي لُغَةٍ أَعَمَ نُطلِقُ عَليهَا اسمَ : اللُّغَةَ المُعَرِّفَة
( 1936 تارسكي)
القَارِيءُ المُتَابِعُ سَيُلَاحِظُ أنَّ هَذِهِ النَّتَائِجَ -خِلَافاً لِتَقريرِ الفَشَلِ فِي تَحقيقِ الصِّفَةِ الرَّابِعَةِ لِلُّغَةِ المِثَالِيَّةِ – تُظهِرُ أيضاً عَدَمَ إمكَانِيَّةِ الاحتِفَاظِ بِخَاصَّتَي عَدَمِ التَّنَاقُضِ وَالكَمَالِ المَنطِقِيِّ فِي نَفسِ الوَقت
وَهيَ تَعنِي إجمَالاً أنَّ أَيَّ لُغَةٍ صُوريَّةٍ بَسيطَةٍ يُمكِنُهَا تَوليدَ مَبَانٍ تَفوقُ قُدراتِنَا الخَوارِزمِيَّةَ عَلى الاستِيعَابِ الحَاسِمِ أَو الفَهم