١- مُقَدِّمَةٌ عَامَّةٌ

كَانَ مُتَوَقَّعاً مِنَ اللُّغَةِ المِثَالِيَّةِ – وَمَعَ أنَّ خَواصَّهَا الثَّمَانِيَ الَّتِي رأينَا لَا تَحتَوي عَلى شَرطٍ خَاصٍ يَتَطَلَّبُ هَذَا – أَن تَكونَ مُعَبِّرَةً عَن كُلِّ الصِّفَاتِ الرِّيَاضِيَّةِ المُهِمَّةِ لِلنَّمَاذِجِ المَعنَويَّةِ الَّتِي نُريدُ إنشَاءَهَا لِلأشياءِ مَوضِعِ الاهتِمَامِ (كَنِهَائِيَّةِ أَو لَانهائيَّةِ مَجموعَاتِ هَذِهِ الأشيَاءِ مَثلاً

لَكِنْ تَمَّ اكتِشَافُ قُيودٍ تَعبيريَّةٍ هَامَّةٍ وَضَعَتْ حَداً غَيرَ قَابِلٍ لِلإلغَاءِ أَو التَّغييرِ لِمَا نَستَطيعُ القِيَامَ بِهِ مَنطِقيّاً وَلُغَويّاً فِي مَنطِقِ فريجة فَظَهَرَ أنَّ هَذَا المَطلبَ البَديهيَّ مُستحيلُ التَّحَقُّق

يَتَذَكَّرُ القَاريءُ مَا أَوردنَاهُ فِي مَقطَعٍ سَابِقٍ عَن الكَمَالِ المَعنَويِّ المَوصوفِ – حَسبَ نَظريَّةِ جودل الأُولَى – بِالعَلاقَةِ

(م || ج)≡(م | ج)

حَيثُ يُفهَمُ مِنَ التَّعبيرِ: “(م || ج)” أنَّ كُلَّ الأَشياءِ والمَفاهيمِ الَّتِي تُحَقِّقُ مَعَانِيهَا الجُّمَلَ فِي “م” تُحَقِّقُ أَيضاً الجُّملَةَ “ج” (بِشَكلٍ أَدَقَّ : كُلُّ النَّمَاذِجِ المَعنويَّةِ الَّتِي تُحَقِّقُ “م” تُحَقِّقُ “ج” أيضَا

وَتَعنِي: “(م | ج)” أَنَّهُ يُمكِنُنَا استِنبَاطَ “ج” مِن “م” بِطُرُقِ الاستِنبَاطِ الصُّورِيِّ الَّتِي يَحتَويهَا النِّظام

عَلَاقَةُ التَّكَافُؤِ هَذهِ بَينَ طَريقَتَي الاستِنبَاطِ المَادِّيِ وَالمَعنَوِيِّ فِي مَنطِقِ فريجة (مِنَ الدَّرَجَةِ الأولَى) تُعَبِّرُ عن وُجودَ الصِّفَةِ الهَامَّةِ التَّاليَةِ

(لِنُسَمِّهَا هُنا “صِدقَ النَّمَاذِجِ“)

لِتَكُنْ “ت” مَجموعَةً مِنَ التَّعَابيرِ السَّليمَةِ

“ت” غَيرُ مُتَنَاقِضَةٍ إذَا وَإذَا فَقَط وُجِدَ نَموذَجٌ “ن” يُحَقِّقُ “ت”

:البُرهان

عَدَمُ تَنَاقُضِ “ت” يَعنِي عَدَمَ وجودِ تَعبيرٍ “ت1” بِحَيثُ

ت | ت1

وَفِي نَفسِ الوَقتِ

(ت | عكس(ت1

فَلنَفتَرِضْ أَنَّ : ت | ت1

مَعَ وُجودِ تَكَافُؤٍ بَينَ عَلَاقَتَي الاستِنبَاطِ المَادِّيِ وَالمَعنَوِيِّ فَإنَّ هَذَا مَعنَاهُ وُجودَ نَموذَجٍ معنوي واحد عَلَى الأَقَلِّ (“ن”) يُحَقِّقُ : ت || ت1

مِن النَاحِيَةٍ الأُخرَى : يَعنِي تَنَاقُضُ “ت” إمكانِيَّةَ استِنبَاطِ أَيِّ تَعبيرٍ مِنهَا نَتَذَكَّرُ أنَّ الجُّمَلَ الشَّرطِيَّةَ تَكونُ صَحيحَةً أَيضاً حِينَ يَستَحيلُ تَحَقُّقُ رُكنِ الشَّرطِ فِيهَا

وَبِالمِثلِ : يُؤَدِّي وُجودُ تَعبيرٍ لَا يُمكِنُ استِنبَاطُهُ مِن “ت” أن تَكونَ “ت” غَيرَ مُتناقِضة

وَبمَا أنَّنَا نَبنِي النَّمَاذِجَ المَعنَويَّةَ “ن” دَائماً بِطَريقَةٍ تُحَقِّقُ التَّعابيرِ وَلَا ُتحَقِّقُ عَكسَهَا فَإنَّ هَذَا يَعنِي عَدَمَ قُدرَةِ “ن” عَلَى الاستِنبَاطِ (أّو التَّحقيقِ) المَعنَوِيِّ لِأحَدِ التَّعبيرينِ : “ت1” أَو “عكس(ت1)” وَبالتَّالِي – وَنَظراً لِتكَافُؤِ عَلَاقَتَي الاستِنبَاطِ المَادِّيِ وَالمَعنَوِيِّ – يَكونُ لَدينَا دَائماً تَعبيرٌ لَا ُيمكِنُ استِنبَاطُهُ مَاديّاً مِن “ت” وَتَكُونُ “ت” بِذَلِكَ غَيرَ مُتَنَاقِضَة

(نِهايَةُ البُرهَان)

 

 

 

 

 

 

 

 

2 Shares:
Leave a Reply

Your email address will not be published.